التهاب السحايا: الأسباب، الأعراض، وسبل الوقاية

شهد المبيت الجامعي بـ”رقادة” في ولاية القيروان حادثة مؤلمة تمثلت في وفاة طالب نتيجة إصابته بمرض التهاب السحايا. أثارت هذه الواقعة قلقًا واسعًا بين الطلبة والأهالي، مما دفع للتساؤل حول ماهية هذا المرض، أسبابه، طرق انتقاله، وسبل الوقاية منه.
ما هو التهاب السحايا؟
التهاب السحايا هو التهاب يصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي، المعروفة بالسحايا. يمكن أن يكون هذا الالتهاب ناتجًا عن عدوى بكتيرية، فيروسية، أو فطرية. يُعتبر التهاب السحايا البكتيري الأكثر خطورة، حيث قد يؤدي إلى مضاعفات صحية جسيمة إذا لم يُعالج بسرعة وبشكل مناسب.
أسباب التهاب السحايا
1. التهاب السحايا البكتيري
ينتج هذا النوع عن إصابة السحايا ببكتيريا معينة. من أبرز أنواع البكتيريا المسببة:
- المكورات السحائية (Neisseria meningitidis): تنتقل عبر الرذاذ التنفسي وتعتبر من أكثر المسببات شيوعًا.
- المكورات الرئوية (Streptococcus pneumoniae): تسبب أيضًا التهابات في الأذن والجيوب الأنفية.
- المستدمية النزلية (Haemophilus influenzae): كانت سببًا رئيسيًا قبل تطوير اللقاحات المضادة لها.
2. التهاب السحايا الفيروسي
يُعتبر أقل خطورة من البكتيري، وينتج عن فيروسات مثل الفيروسات المعوية، فيروس الهربس البسيط، وفيروس النكاف.
3. التهاب السحايا الفطري
نادر الحدوث، وينتج عن استنشاق الأبواغ الفطرية من البيئة، ويصيب عادةً الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
طرق انتقال التهاب السحايا
تختلف طرق انتقال المرض بناءً على المسبب:
- البكتيريا والفيروسات: تنتقل عبر الرذاذ التنفسي من خلال السعال أو العطس، أو عبر الاتصال المباشر مع إفرازات الشخص المصاب.
- الفطريات: تنتقل عبر استنشاق الأبواغ الفطرية من البيئة المحيطة.
أعراض التهاب السحايا
تتشابه الأعراض في المراحل الأولى مع أعراض الإنفلونزا، وتتطور سريعًا لتشمل:
- الحمى المرتفعة.
- صداع شديد.
- تيبس في الرقبة.
- غثيان وتقيؤ.
- حساسية للضوء.
- اضطرابات في الوعي والتركيز.
- طفح جلدي في بعض الحالات، خاصة مع التهاب السحايا البكتيري.
تشخيص التهاب السحايا
يعتمد التشخيص على الفحص السريري والتاريخ المرضي، بالإضافة إلى إجراء بعض الفحوصات مثل:
- البزل القطني (Lumbar puncture): لجمع عينة من السائل النخاعي وتحليلها.
- تحاليل الدم: لتحديد وجود العدوى ونوعها.
- التصوير الطبي: مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي للكشف عن أي مضاعفات.
علاج التهاب السحايا
يعتمد العلاج على نوع المسبب:
- البكتيري: يُعالج بالمضادات الحيوية الوريدية بشكل عاجل.
- الفيروسي: غالبًا ما يكون العلاج داعمًا، مع الراحة وتناول السوائل، وقد تُستخدم مضادات الفيروسات في بعض الحالات.
- الفطري: يُعالج بمضادات الفطريات المناسبة.
الوقاية من التهاب السحايا
للحد من خطر الإصابة، يُنصح باتباع ما يلي:
- التطعيم: توفر اللقاحات حماية فعّالة ضد بعض أنواع البكتيريا المسببة للمرض، مثل المكورات السحائية والمستدمية النزلية.
- ممارسات النظافة الشخصية: غسل اليدين بانتظام وتغطية الفم والأنف عند السعال أو العطس.
- تجنب مشاركة الأدوات الشخصية: مثل أواني الطعام أو فرش الأسنان.
- التوعية: معرفة الأعراض وطلب الرعاية الطبية الفورية عند الاشتباه بالإصابة.
حالة وفاة الطالب في القيروان
في حادثة مؤسفة، توفي طالب في المبيت الجامعي بـ”رقادة” نتيجة إصابته بالتهاب السحايا البكتيري. فور التبليغ عن الحالة، تدخلت وزارة الصحة التونسية بتطبيق البروتوكول الصحي المعتمد، حيث تم تقديم العلاج الوقائي لـ75 طالبًا من المخالطين للطالب المتوفى، وذلك بإعطائهم المضادات الحيوية اللازمة. كما أكدت الوزارة عدم تسجيل أي حالات إصابة أخرى في المبيت الجامعي بعد هذه الحادثة.
الخلاصة
يُعتبر التهاب السحايا من الأمراض الخطيرة التي تتطلب تشخيصًا وعلاجًا فوريين. الوعي بالأعراض وطرق الانتقال، بالإضافة إلى الالتزام بوسائل الوقاية، يُسهم بشكل كبير في الحد من انتشار المرض وحماية الأفراد والمجتمع.
المصادر: